
الثقة التي تبخرت... إرث "المحافظين" في بريطانيا
2024-06-16
بعد خمسة رؤساء حكومات محافظين ثلاثة منهم خلال عام 2022 تظهر استطلاعات الرأي أن حزب "العمال" سيكون الرابح الأكبر في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، إذ بات شبه مؤكد لزعيمهم كير ستارمر الذي ينتمي إلى يسار الوسط أنه سيصبح رئيساً للوزراء. اتسمت الأعوام الـ14 التي قضاها المحافظون في حكم المملكة المتحدة باضطرابات عديدة تمثلت في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتقصير في مكافحة جائحة "كوفيد" والأزمة الاقتصادية والفضائح، فتركت قسماً كبيراً من الشعب البريطاني فقيراً ومحبطاً. وبعد خمسة رؤساء حكومات محافظين ثلاثة منهم خلال عام 2022 تظهر استطلاعات الرأي أن حزب "العمال" سيكون الرابح الأكبر في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، إذ بات شبه مؤكد لزعيمهم كير ستارمر الذي ينتمي إلى يسار الوسط أنه سيصبح رئيساً للوزراء. الثقة التي تبخرت ومن جهتهم يعترف المحافظون بقيادة ريشي سوناك بهزيمتهم من الآن وإن بفتور، مناشدين الناخبين عدم تقديم "غالبية ساحقة" إلى حزب "العمال". غير أن ثقة الناخبين تبددت إلى حد أن الحملة الانتخابية لن تغير شيئاً. وتبخرت هذه الثقة منذ برنامج التقشف عام 2010 (في أعقاب الأزمة المالية عام 2008)، "التي أضعفت الخدمات العامة بصورة دائمة" وفقاً للمتخصص في مجال السياسة بجامعة "كوين ماري" في لندن تيم بايل. وأضاف بايل "بعد ذلك كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والوعد بتنفيذ هذا الخروج للعودة بعد ذلك إلى القضايا التي يهتم بها الناس مثل الاقتصاد والصحة والتعليم والأمن، لكنهم (المحافظون) فشلوا تماماً في الوفاء بوعودهم". وضع الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 (52 في المئة صوتوا بنعم و48 في المئة صوتوا بلا) حداً لرئاسة ديفيد كاميرون (2010-2016) للوزراء، خصوصاً أنه أراد بقاء بريطانيا في الاتحاد فاستقال لتخلفه تيريزا ماي (2016-2019) التي لم تتمكن من إقناع مجلس العموم بالتصويت على هذا الطلاق المعقد، الذي تم التفاوض عليه مدى أشهر مع بروكسل مما اضطرها أيضاً إلى الاستقالة. وبعد ذلك جاء بوريس جونسون (2019-2022) وحقق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2020 لكن حكمه تعثر بسبب جائحة كوفيد (أكثر من 232 ألف حالة وفاة) التي قلل في البداية من أهميتها، مما أدى إلى بطء في التصدي لها. وأدت فضيحة الحفلات التي أقامها في "داونينغ ستريت" أثناء فترة الإغلاق وأكاذيب أدلى بها إلى استقالته في يوليو 2022. حين يسود التشاؤم وفي هذا الإطار قال بايل إن "عدم تحقيق نتائج بالتوازي مع تقويض بوريس جونسون لسمعة الحزب في ما يتعلق بالنزاهة وتقويض ليز تراس لسمعتها عندما تعلق الأمر بالصدقية الاقتصادية، أدى إلى الحال المزرية التي يجد حزب المحافظين نفسه عليها". وكانت ليز تراس (6 سبتمبر ’أيلول‘ - 25 أكتوبر ’تشرين الأول‘ 2022) قدمت بعيد وصولها إلى السلطة خطة إنعاش تعتمد على تخفيضات ضريبية هائلة ممولة بالديون، في سياق ارتفاع التضخم وأزمة الطاقة التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا. غير أن هذه الخطة أثارت ذعراً في الأسواق مما أدى إلى استقالتها بعد 44 يوماً على توليها منصبها، ليحل محلها ريشي سوناك. وخلال أشهر تعاقبت الإضرابات (الصحة والنقل وعمال البريد والمعلمون...) احتجاجاً على ارتفاع كلف المعيشة. وبعدما وصل التضخم إلى 11 في المئة انخفض إلى 2,3 في المئة على مستوى سنوي، غير أن الراتب الحقيقي مع أخذ التضخم في الاعتبار بات مشابهاً لمستوى رواتب العام 2010.